vendredi 13 juillet 2007

ماذا لو صدقت وعود الأحزاب حول خلق مناصب الشغل ؟

لو كان ما تقوله الأحزاب هذه الأيام حول مناصب الشغل التي ستخلقها في حالة تمكنها من الفوز في الانتخابات وأخذ موقع في الحكومة القادمة صحيحا، فإن المغرب سيصبح دولة بدون عاطلين عن العمل، وسيصبح البحث عن عاطل واحد مهمة مستحيلة، وسيأتي مغامرون من كل بقاع العالم ليتنافسوا في العثور عليه مثل كنز، لأن العاطل المغربي في هذه الحالة سيتحول إلى شيء نادر مثل الكبريت الأحمر، وسيعاني المغرب من داء الرفاه، وسيشتكي المواطنون من قلة فرص الكسل والراحة.
الناس طبعا لن يصدقوا أرقام تلك الأحزاب، وخاصة منهم أولئك الذين يتظاهرون كل يوم أمام البرلمان، مشهرين شواهدهم الجامعية، وسيزعجهم أن نتحول إلى دولة الكل فيها يحصل على وظيفة بمجرد وصول سنة 2008 ، فقد تعود بعضهم على رفع الشعارات وشتم الحكومة والنظام، ووجد في هذه المهمة النضالية عملا أمتع من الجلوس في مكتب متهالك أو قذفه في منطقة نائية يقضي فيها ما تبقى له من سنوات، مفضلا ترديد الأناشيد الثورية ولعب لعبة القط والفأر مع القوات المساعدة والجلوس في المقاهي المجاورة عند انتهاء المظاهرة.
تَعِد الأحزاب الكبرى المشكلة للحكومة الحالية، في البرامج التي أعلنت عنها، بتوفير حوالي ستة ملايين منصب شغل، ويأتي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية في المقدمة، حيث وعد الأول بمليوني وظيفة في مدى زمني محدد في خمس سنوات، أما رفاق إسماعيل العلوي فرأوا أنهم قادرون على توفير أربعمائة ألف منصب كل سنة، في حين اقترب منهما حزب الاستقلال وحدد الرقم في مليون و300 ألف منصب. ولأن المنصب في الأقربين والمتعاطفين أولى، فإن كل واحد منهم سيشغل أنصاره والمصوتين عليه من العاطلين عن العمل، وإذا نجح الثلاثة وشكلوا تحالفا بينهم في إطار الكتلة، فإنهم سيحتاجون إلى استيراد مواطنين عاطلين عن العمل من دول أخرى، حتى يكتمل نصاب هذا العدد الكبير من الأرقام، وكي لا تتحول برامجهم إلى وعود كاذبة وتتهمهم الصحافة المغرضة بالكذب وخداع الناس في الحملة الانتخابية.
أما التهامي الخياري، الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية، فقد وعد هو الآخر بضرب عصفورين بحجر واحد، فقد صرح بأنه سيوظف المجازين في دروس محو الأمية، ليقضي بهذا المخطط العبقري على البطالة والأمية مرة واحدة، هذا دون إغفال المنح المغرية التي سيوزعها حزب الاستقلال على الأسر التي يوجد بينها معاقون، وتلك الفقيرة التي سيخصص لها الاتحاد الاشتراكي راتبا في حالة عودته إلى الحكومة.
لا أحد يجادل في أن الاتحاد الاشتراكي والاستقلال هما الحزبان التاريخيان الكبيران في المغرب، وقد انضاف إليهما حزب العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة، والذي لم يذكر لحد الساعة أي رقم عن جيوش العاطلين الذين يمكنه إيجاد عمل لهم في ما سيأتي من أيام، حيث من المرتقب أن يعلن عن برنامجه هو الآخر في الأيام القليلة القادمة، إلا أن الواضح أن هذا الحزب لا تعنيه كثيرا أمور المغاربة العاطلين، ويفضل أن يضمن لهم مناصب في الجنة، لأن هذه الحياة الدنيا فانية وقصيرة مثل غمضة عين، بمجرد فتحها يكون العمر قد انقضى، وربما يفكر في أن يوفر لهم فرص شغل بأجر خيالي في دار البقاء، حيث الحياة أبدية.
لهذا السبب ينتظر ألا يهتم حزب العدالة والتنمية بوعود من هذه الشاكلة، لأن الزكاة وحسنات المحسنين والتحلي بالصبر من خصال المؤمن الصالح، أما العمل كل العمل فهو للآخرة التي لا يوجد فيها برلمان ولا مقهى باليما بالقرب منه، كما لا توجد أحزاب توزع مناصب شغل نظرية في شكل أرقام أثناء الحملة الانتخابية، قبل أن تلجأ إلى لوك لغة «ثقل الماضي والإكراهات» مثل علكة، حينها تكون الخدعة قد انطلت على الناس، ولن يجدوا طريقة لمطالبتها بالوفاء بوعودها.

13/07/2007 | حميد زيد

http://almasae.info/?issue=253&RefID=Content&Section=0&Article=2706

Aucun commentaire: