المغرب يهتم بالحشيش وينسى الكوكايين، هذه هي الكارثة المقبلة في المغرب التي تهدد جيلا كاملا أكثر مما تهدده الكوارث والحروب.
المغرب يقول باستمرار إنه أحرق هكتارات من مزارع القنب الهندي (الكيف) هنا وهناك، غير أنه مقابل كل هكتار من حقول الكيف يتم إحراقها في الغابات والجبال، فإن مخدر الكوكايين يكتسح مساحات كبيرة داخل المدن وفي الحواضر. هكذا يكبر غول الكوكايين في المدن الكبرى والصغرى، بينما المسؤولون المغاربة ينتشون بإحراق بضعة حقول من الكيف وكأنهم أرسلوا صاروخا إلى المريخ.
في الماضي كان الكوكايين مخدرا خاصا بالنخبة، وكان علية القوم فقط هم الذين يستهلكونه في السهرات الخاصة وفي الحفلات الراقصة وفي أشياء أخرى، أما اليوم فيمكن العثور بسهولة على عاطل ينفّح الكوكايين كأنه يشرب الماء، أو سائق سيارة أجرة يأخذ جرعته قبل أن يبدأ عمله اليومي، أو طالبة جامعية تدخل في خيشومها الناعم ذلك المسحوق المتوحش قبل أن تتوجه نحو مدرجات الجامعة.
هكذا ازدهر الكوكايين في المغرب في غفلة عن الجميع. لكن هذه الغفلة هي موضع تساؤل حقيقي لأنه لا يمكن أن يحدث كل هذا بينما الحكومة نائمة ملء جفونها. ومن الغريب أن كبار تجار الكوكايين في المغرب تعرفهم السلطات واحدا واحدا، ومنهم من وصلوا إلى تبؤء مسؤوليات كبيرة، وآخرون بنوا علاقات أخطبوطية جعلتهم يمارسون أعمالهم بكل الارتياح اللازم. وإذا كانت مصالح الأمن لا تعرف هؤلاء فمن الأفضل للمغاربة أن يطالبوا بأمن آخر.
ويزرع المغرب اليوم أزيد من 150 ألف هكتار من القنب الهندي (الكيف)، غير أنه لا توجد رسميا أية قطعة أرض مزروعة بنبتة الكوكايين، ومع ذلك فإن هذا المسحوق الخطير في طريقه لكي يزيح عن طريقه مادة الحشيش، التي أصبحت موضة قديمة، ويتبوأ عرش الاستهلاك بين المدمنين المغاربة.
ازدهار الكوكايين في المغرب تم لأسباب كثيرة، أولها أن مهربيه أصبحوا يستعملون نفس الطريق التي يسلكها الحشيش من أجل تهريبه إلى أوربا. أي أن كميات ضخمة من الكوكايين تأتي من أمريكا اللاتينية وتستقر على السواحل الإفريقية الأطلسية، ثم تتوجه بعد ذلك شمالا نحو المغرب حيث تعبر مضيق جبل طارق بنفس الطريقة التي تعبر بها قوارب الحشيش أو باطيرات المهاجرين السريين. وهناك أيضا قوارب أخرى تمخر عباب الماء وتتوجه نحو جزر الخالدات الإسبانية المقابلة للشواطئ الجنوبية المغربية.
عصابات الكوكايين في أمريكا اللاتينية ربطت علاقات وثيقة بين العصابات المغربية والإسبانية التي تهرب الحشيش، وأصبح التعامل بين الطرفين يتم بالمقايضة، أي أن المغاربة يؤدون خدمات لعصابات أمريكا اللاتينية، وتؤدي هذه العصابات الثمن بواسطة الكوكايين، وهؤلاء يروجون البضاعة داخل المغرب.
هناك مسألة أخرى غاية في الخطورة، وهي أن إسبانيا أصبحت اليوم أكبر مستهلك للكوكايين في العالم، وشبابها تفوقوا على كل شباب أوربا في هذا المجال، وبما أن علاقات الجوار بين المغرب وإسبانيا لها تأثيراتها في كل شيء، فإن الاستهلاك الكبير للكوكايين في إسبانيا لا بد أن يترك أثره على المغرب، وهو أثر يبدو أن الكثيرين لم ينتبهوا له إلى حد الآن.
اليوم يتوزع مستهلكو الكوكايين على كل شرائح المجتمع المغربي. هناك من يقتني الشمّة الواحدة بألفي درهم لأنها أكثر «صفاء» من الذهب، وهناك من يقتني الشمّة الواحدة بأقل من خمسين درهما لأنها عبارة عن مسحوق من الأسبرين والدقيق والسكر وبعض براز القطط. لكن سواء استهلك المدمنون المغاربة الكوكايين الصافية أو المغشوشة، فإن الخطر رهيب في كل الأحوال. وإذا لم يتحرك الجميع لوقف ذلك فإن الكارثة مقبلة لا محالة.
04/07/2007 | عبد الله الدامون
http://www.almasae.info/?issue=246&RefID=Content&Section=0&Article=2387
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire